أخر الاخبارمنوعات وفنون

من هو الإنفلوينسر السوداني شيخو الذي أستشهد في صفوف درع السودان

من هو الإنفلوينسر السوداني شيخو الذي أستشهد في صفوف درع السودان

في صباح يوم دامٍ جديد من أيام الحرب السودانية، ودّعت البلاد أحد أعينها الحادة، وركيزة من ركائز الصحافة الميدانية المصورة — السماني سعدالدين عبدالله شيخو — الذي وضع كاميرته جانبًا هذه المرة، ليس لأنه فرغ من التصوير، بل لأنه أصبح هو ذاته جزءًا من الصورة، صورة الشهادة والبطولة في ميدانٍ اختلطت فيه العدسة بالدم، والحقيقة بالنار.

من هو السماني شيخو؟
السماني شيخو لم يكن مجرد مصوّر صحفي يحمل الكاميرا، بل كان صاحب رسالة، وعينًا مفتوحة على الوجع السوداني. شاب عُرف بين الصحفيين والناشطين بأنه هادئ، رزين، دقيق في التقاط التفاصيل، محب لوطنه، ومخلص لحكايات الناس التي كان يوثقها بعدسته.

ولد السماني في السودان، وبرز اسمه في السنوات الأخيرة كأحد أهم المصورين الصحفيين الميدانيين، الذين رافقوا الثوار، والنازحين، وضحايا الحرب، ونقلوا للعالم صورًا ناطقة لا تحتاج إلى تعليق. كان صوته نادرًا في الإعلام، لكنه كان يتحدث كثيرًا عبر صوره، حيث كان يترك الصورة تتكلم بصمتٍ أكثر بلاغة من كل العناوين.

في صباح يوم 17 مايو 2025، نفّذت مليشيات الدعم السريع المتمردة عدوانًا بطائرة مسيّرة على منطقة جبل الإبياتور، وهي إحدى المناطق ذات البعد الاستراتيجي في ولاية شمال كردفان، والتي أصبحت مؤخرًا محور صراع عسكري حاد.

كان الساماني شيخو هناك، ضمن مجموعة من شباب مبادرة درع السودان، وهي قوة شعبية/مدنية تقف مع القوات المسلحة ضد التمرد المسلح. وقد استُشهد عدد من أفرادها في ذلك الهجوم الغادر, السماني لم يكن يحمل سلاحًا، بل كان يحمل كاميرته، كعادته، يلاحق الحقيقة وسط الدخان. لكنه هذه المرة لم ينجُ. سقط شهيدًا، بعدما سجل آخر لقطاته للعدوان.

من أبرز أعماله التي ستظل محفورة في الذاكرة، كانت تغطيته الأخيرة لـلقاء القائد كيكل — أحد القادة الميدانيين في القوات المشتركة — حيث كان شيخو حاضرًا بهدوئه المعهود، يلتقط الصور وكأنّه يعلم أنها ستكون من آخر ما تُوثّق عدسته.

رحيل السماني شيخو خسارة فادحة للصحافة السودانية، ولحملة الكاميرا في الميدان. لقد اختار أن يكون في الخطوط الأمامية لا ليمسك ببندقية، بل ليمسك بعدسةٍ تقول الحقيقة للعالم.
في زمنٍ تُشترى فيه الكلمة وتُزوّر فيه الصورة، كان شيخو من الذين اختاروا ألا يساوموا على صدق العدسة، وأن يعيشوا – وربما يستشهدوا – وهم ينقلون الحقيقة كما هي.

نم قرير العين يا ساماني، فقد التقطتَ الصورة الأخيرة، لكنك لم تغب عنها. صورتك الآن ترفرف على منصات التواصل، في قلوب زملائك، وعلى جدران الذاكرة السودانية التي تنزف منذ سنوات.
سيكتب عنك زملاؤك كثيرًا، وستبكيك العدسات من بعدك، لكن ما لن يغيب هو الضوء الذي زرعته خلفك، في عدسة كل شاب صحفي يسير على دربك، يؤمن أن الصحافة ليست مهنة فقط… بل شهادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى