أخر الاخبار

الطالبة شمس الحافظ القادمة من تشاد لإمتحانات الشهادة قصة يجب أن تضاف للمنهج الدراسي

الطالبة شمس الحافظ القادمة من تشاد لإمتحانات الشهادة قصة يجب أن تضاف للمنهج الدراسي

في وقتٍ تتزاحم فيه الأحزان على تراب الوطن، وتتشابك فيه خيوط الحرب والشتات، تخرج من بين الظلام شُعلة مضيئة، تُذَكّرنا بأن السودان لا يزال حيًا، نابضًا بالأمل، غنيًا بأبنائه وبناته الذين يصنعون المعجزات رغم كل الظروف.
إنها الطالبة شمس الحافظ عبدالله، التي لم تضيء فقط لائحة الشرف في الشهادة السودانية بحصولها على المركز التاسع بنسبة 94.7%، بل أضاءت قلوب السودانيين جميعًا، بقصة كفاح ستظل خالدة في الذاكرة الوطنية.

شمس ليست غريبة عن السودان. هي ابنة هذا الوطن، تربّت فيه، ونهلت من تربته قيم العزة والصبر. لكن الحرب التي اجتاحت أجزاءً واسعة من البلاد، أجبرتها وأسرتها على النزوح إلى تشاد بحثًا عن الأمان. كانت رحلة نزوح قاسية، امتدت لما يزيد عن 2000 كيلومتر من المعاناة والتحدي، لكنها لم تكن رحلة هروب من الحلم، بل كانت بداية لميلاد عزيمة من فولاذ.

رغم التشريد، رغم البُعد، رغم انعدام الاستقرار وقلّة الإمكانيات، لم تستسلم شمس. كان هدفها واضحًا: أن تجلس لامتحانات الشهادة السودانية، وأن تنجح، بل أن تتفوّق. ولأجل ذلك، قررت العودة إلى مدينة الدامر، متحدّية المسافات والظروف.

جلست شمس للامتحانات في بيئة بعيدة كل البعد عن المثالية. لا كهرباء مستقرة، لا إنترنت، لا مراجع دراسية كافية، ولا حتى ضمان للأمان الكامل. لكنها لم تكن وحدها تحمل هذا العبء، بل كان معها إيمانها العميق بأن التعليم هو سلاحها الوحيد، وبأن وطنها يستحق الأفضل منها.

حصدت المركز التاسع على مستوى السودان بنسبة 94.7%، لتُثبت أن التفوّق لا يُقاس بالظروف بل بالإرادة، وأن النجاح ليس حكرًا على المترفين، بل هو متاح لكل من يمتلك قلبًا شجاعًا لا يعرف الانكسار.

ربما كانت شمس التاسعة في الترتيب الرسمي، لكنها الأولى في قلوب هذا الشعب. الأولى في التضحية، في الإصرار، في الوطنية الصامتة التي لا تبحث عن أضواء، بل تصنعها من داخلها.

قصة شمس ليست فقط إنجازًا أكاديميًا، بل هي صفعة على وجه اليأس، ورسالة مدوّية بأن جيل السودان القادم أقوى من ركام الحروب، وأسمى من سكاكين التشريد، وأصلب من الانكسار.

إلى المسؤولين، إلى المؤسسات التعليمية، إلى كل من يملك صوتًا أو سلطة: شمس الحافظ عبدالله تستحق التكريم، لا بالكلمات فقط، بل بالدعم الحقيقي. دعم لاستكمال تعليمها الجامعي، ودعم لآلاف الطالبات والطلاب الذين يشبهونها في الصبر والعزم، لكن لم تسعفهم الظروف بعد.

يا شمس، أنتِ أول السودان في أعيننا. لستِ فقط من فاز بدرجات التفوق، بل فزتِ بقلوب شعب كامل.
مبروك لك، ومبروك لوطن أنجب مثلك.
جعلكِ الله ذخراً لهذا الوطن، ومشعلاً لا ينطفئ في دروب الأمل.
خنساء عمر آدم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى